الأحد، 31 أغسطس 2014

رسالة الى قرة عيني النامصة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.. أما بعد:

فإنه مع طغيان موجة الموضة والأزياء، وانتشار عدواها في سائر الأرجاء، أصبح النساء مولعات بأضوائها، ملازمات لإنتاجها، متابعات لقواعدها.. حتى ولو كانت مخالفة للنصوص الشرعية.

ومن المخالفات التي يقع فيها بعض النساء في هذا الخصوص: النمص.

أختي المسلمة:

ونحن في هذه السطور نبين لك خطورة هذه المخالفة على دينك ودنياك، وما لها تأثير سلبي على إيمانك وشخصيتك وصحتك. فما هو النمص؟ وما حكمه في الشرع؟ وهل له تأثير على الصحة؟

فالنمص: هو نتف شعر الوجه، وهو وإن كان يطلق في الغالب على نتف شعر الوجه عامة إلا أنه يغلب على القصد منه نتف شعر الحاجب لغلبة فعله. لذلك إذا قيل: النمص، فالغالب أن يقصد به القص من شعر الحواجب أو نتفها أو التخفيف منها أو الحلق منها.

حكمه الشرعي:

لقد وردت نصوص كثيرة تدل على تحريمه تحريماً بيّناً، فمن ذلك:

قول الله جلَّ وعلا: { إِن يَدعُونَ مِن دُونِهِ إِلا إِنَاثاً وَإن يَدعُونَ إِلا شَيطَاناً مَّرِيداً * لَّعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لأُتَّخِذَنَّ مِن عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفرُوضاً * وَلأُضِلَّنَّهُم وَلأُمَنِّيَنَّهُم ولآمُرَنَّهُم فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنعَامِ وَلآمُرَنَّهُم فَلَيُغَيِرُنَّ خَلقَ اللهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللهِ فَقَد خَسِر خُسرَاناً مُّبِيناً * يَعِدُهُم وَيُمَنِّيهِم وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيَطانُ إِلا غُرُوراً * أُوْلَئِكَ مَأوَاهُم جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنهَا مَحِيصاً } [النساء:117-121].

ووجه الدلالة من الآية أن الشيطان عدو لله قد أخذ على نفسه عهداً بإضلال الناس عن الهدي ومن بين أعماله في ذلك أن يأمرهم بتغيير خلق الله، { لآمُرَنَّهُم فَلَيُغَيِّرنَّ خَلقَ اللهِ } ، والنمص فيه تغيير للخلقة الأصلية لأن الوجه ومنه الحواجب قد خلقه الله جلَّ وعلا في أحسن تقويم، كما قال تعالى: { لَقَد خَلَقنَا الإِنسَان فِي أَحسَنِ تَقوِيمٍ } [التين:4]، والنامصة حينما تقوم بحف حواجبها أو قصها أو نتفها أو نتف شعر وجهها فهي بذلك تقع في مصايد الشيطان، ومكايده وتكون من المغيرات خلق الله.

وفي الحديث عن ابن مسعود قال: « لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله ، فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب ، فجاءت ، فقالت: إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت .
فقال: ومالي لا ألعن ما لعن رسول الله وهو في كتاب الله؟ فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول!
فقال: لو كنت قرأتيه لوجدتيه، أما قرأت: { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُم عَنهُ فَانتَهُواْ } [الحشر:7] ، قالت: بلى .
قال: فإنه قد نهى عنه !
قالت: فإني أرى أهلك يفعلونه! ;قال فاذهبي فانظري ، فذهبت فنظرت فلم تر في حاجبها شيئاً .
قال: لو كانت كذلك ما جامعتها . » [رواه البخاري ومسلم].
ففي هذا الحديث وعيد شديد لكل متنمصة أو نامصة، ألا وهو اللعنة التي هي الطرد من رحمة الله.

أختي المسلمة: فانظري أي جناية تجنيها على نفسها من تقدم على هذه المخالفة.. إذ يكلفها نزع شعيرات من هنا أو هناك في وجهها.. يكلفها ذلك حرماناً من رحمة الله سبحانه.. ومن حرم الرحمة أدركه - ولابد الشقاء - وتحريم النمص هو الذي عليه العلماء.

قال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: ( لا يجوز أخذ شعر الحاجبين، ولا التخفيف منهما، لما ثبت عن النبي أنه لعن النامصة والمتنمصة، وقد بيَّن أهل العلم أن أخذ شعر الحاجبين من النمص ) [فتاوى المرأة:167].

وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ( التجميل ينقسم إلى قسمين: أحدهما ثابت دائم، مثل: الوشر والوشم، النمص.. فهو محرم بل من كبائر الذنوب لأن النبي لعن فاعله.

الثاني: ما كان على وجه لا يدوم، فإنه لا بأس به مثل التجميل بالكحل والورس لكن بشرط أن لايؤدي هذا إلى محظور شرعاً مثل أن يكون فيه تشبه بالنساء الكافرات، أو أن يكون ذلك من باب التبرج.. فإن هذا يكون محرماً لغيره لا لذاته ) [زينة المرأة بين الطب والشرع:42 ].

وقال العلامة الشيخ عبدالله بن جبرين: ( لا يجوز القص من شعر الحواجب ولا حلقه ولا التخفيف منه، ولا نتفه، ولو رضي الزوج، فليس فيه جمال، بل تغيير لخلق الله وهو أحسن الخالقين، وقد ورد وعيد في ذلك، ولعن من فعله، وذلك يقتضي التحريم ) [فتاوى المرأة:170].

خطورة النمص على الصحة:

يقول الدكتور وهبة أحمد حسن: ( إن إزالة شعر الحواجب بالوسائل المختلفة ثم استخدام أقلام الحواجب وغيرها من " مكياجات " الجلد؛ لها ثأثيرها الضار، فهي مصنوعة من مركبات معادن ثقيلة.. إلى أن قال: إن إزالة شعر الحواجب بالوسائل المختلفة ينشط الحلمات الجلدية، فتتكاثر خلايا الجلد، وفي حالة توقف الإزالة ينمو شعر الحواجب بكثافة ملحوظة، وإن كنا نلاحظ أن الحواجب الطبيعية تلائم الشعر والجبهة واستدارة الوجه ) [المتبرجات للزهراء فاطمة بن عبدالله:94].

أختي المسلمة:

إن هذه المخاطر التي تتمخض عن نمص شعر الوجه، ونتف الحواجب لتوقف كل مؤمنة عاقلة على ضرورة مراجعة نفسها كما تنذر كل مقبلة على النمص وتدق لها ناقوس الخطر..

إن مخاطر النمص تشمل دين المسلمة ودنياها.. إنه يهدد إيمانها لأنه من إيحاءات الشيطان ووساوسه وحبائله { لآمُرنَّهُم فَلَيُغَيرُنَّ خَلق اللهِ } ، كما يهدد صحتها وجمالها لأنه مضر كما تبين للأطباء ولأن جماله مخالف للطبيعة الخلقية التي فُطر على استحسانها الناس.

وإليك أخية أسباب وقوع النساء في هذا المحظور:

الإفتتان بالموضة:

فالموضة لا تقتصر في غزوها على اللباس بل أصبحت تغزو النساء في كل ما يتعلق بحياتهن حتى أجسادهن.

فالنمص مثلاً يُعد من متطلبات الموضة الحديثة.. تتغير أشكاله.. بل ألوانه من وقت لآخر.. وهنا حين تُفتن الأخت المسلمة بهذه البدعة المحدثة.. وتضعف شخصيتها أمام دعايات الأزياء والموضة تصبح عبدة لتلك الدعايات.. مولعة بمسايرة ركبها.. فعلى سبيل المثال: سادت في أوائل هذا القرن موضة الحواجب الثقيلة، حيث كانت المرأة تستخدم قلماً خاصاً يعطي لوناً أسود، فتخطط به حول حاجبيها لتبدو أكبر وأكثف مما هي عليه.. وبعد ذلك بزمن سادت موضة التنمص: وهي إزالة الشعيرات النافرة عن خط الحاجب، فانتهت بظهور موضة الحواجب الكثيفة.. ثم ظهرت بعدها الحواجب الرفيعة المقوسة.. التي تجعل المرأة تبدو كالمندهشة.. فضلاً عن أنها تبدو أكبر من سنها الحقيقي..

تروي إحدى الأخوات ..
مشهدا رأته بعينها يدل على افتتان النساء بالموضة، تقول: لقد رأيت ذات مرة فتاتين تقلبان في مجلة ألمانية للأزياء فرأيت إحداهن قد توقفت عن التقليب وهي تقول لزميلتها: ألم يلفت نظرك شكل حواجب عارضات الأزياء.. إنها متروكة كما هي.. تأملي معي هذه الصورة.. لابد أن الموضة الآن هي الحواجب الطبيعية! !

فأخذت الأخرى تحدق في الصورة بشدة ثم قالت: صحيح.. ما أجملها![الموضة في التصور الإسلامي للزهراء فاطمة بنت عبدالله:142].

أختي المسلمة:

إن قضية الموضة والأزياء تعتبر من الفتن التي تهدد عفة النساء، فاحذري من الانجراف وراءها فهي لا تعترف بالقيود الشرعية، ولا بالأصول العرفية وأغلبها تأتي من دول الغرب الكافرة، وقد حذرنا رسول الله ، من اتباع سنن اليهود والنصارى، وإن من سننهم: النمص والوشم والوشر كما هو حال نسائهن وعارضات الأزياء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لتتبعنّ سَنَنَ من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى إذا دخلوا جحر ضب دخلتموه ، قالوا: اليهود والنصارى ؟ قال: فمن ! »

الرغبة في الجمال:

وهناك من الأخوات من تقدم على النمص طلباً للجمال والحسن، وهذا لا يسوّغ لهن ذلك لأن الجمال على درجات ولو أطاعت الفتاة هواها في طلب الجمال لوقعت في مخالفات كثيرة لا حصر لها.

يقول العلامة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: ( التجميل نوعان: تجميل لإزالة العيب الناتج عن حادث أو غيره، وهذا لا بأس به ولا حرج فيه، لأن النبي أذن لرجل قُطعت أنفه في الحرب أن يتخذ أنفاً من ذهب.

والنوع الثاني: هو التجميل الزائد، وهو ليس من أجل إزالة العيب بل لزيادة الحسن، وهو محرم ولا يجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة، والواشمة والمستوشمة.. كما في ذلك من إحداث التجميل الكمالي الذي ليس لإزالة العيب.. ) [فتاوى المرأة لمحمد عبدالعزيز المسند:215].

طاعة الزوج:

وهناك من الأخوات من تقع في النمص بطلب أو أمر من زوجها لكونه يحب ظهورها بمظهر أجمل، وهذا مخالف للشرع فإنه كما قال صلى الله عليه وسلم : « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق »

فطاعة الزوج واجبة على الزوجة في المعروف، وليس من المعروف أن تقع في النمص الذي يوجب لها العنة والطرد من رحمة الله.

أختي المسلمة: اعلمي أن الله جلَّ وعلا لم يُحرم عليك الزينة مطلقاً، وإنما جعلها مقيدة بما يحفظ عليك مصالح الدنيا والآخرة، فما حرّمه الله من الأمور في الزينة إنما حرمه لما فيه من الضرر الأكيد سواء أدركته عقولنا القاصرة أم لا.

ولقد تبين لك في هذا الكتاب ضرر النمص على المسلمة في الدنيا والآخرة.. فصوني نفسك عن هذه المخالفات المحدثة.. فإن جمالك يزداد بطاعة الله.. ونورك يسطع بعبادة الله..

ولك في ما أحلَّه الله من الزينة غنية وكفاية..
تذكري أن الوجه سيبلى.. والخدود سيأكلها الدود.. والجسد كله سيفنى.. ولا يبقى لك في القبر إلا ما قدّمت من عمل صالح.. وفقك الله لما يحب ويرضى..

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين .

..لاتـــكــونــوا....امـعـة تـتـبـعون كل نـاعـق.











☆..لاتـــكــونــوا..☆

[☆..امـعـة تـتـبـعون كل نـاعـق..☆] 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ

اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ

لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ

شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أما بعد. 

فاتقوا اللهَ عباد الله، واعلموا أن الله تعالى ذكره نهى الأمةَ المؤمنةَ المسلمةَ عن اتباعِ سبيلِ الكافرين من اليهود والنصارى والمشركين وغيرِهم، فنهاهم عن التشبُّهِ بهم، وعن تقليدِهم، وعن التبعيَّةِ لهم في مواضعَ كثيرةٍ من الكتابِ الحكيمِ،

فقال تعالى: ﴿وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ﴾([1])، وقال: ﴿وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾ ([2])، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾([3])

وتقليدُ الكفارِ والتشبُّه بهم من أعظمِ صورِ الطاعةِ لهم.
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْم

الظَّالِمِينَ﴾([4])ومضاهاتُهم ومشابهتُهم من أكبرِ أسبابِ حصولِ المودَّةِ لهم وموالاتِهم.
والآياتُ التي تنهى وتحذِّرُ من مشابهتِهم كثيرةٌ في كتابِ اللهِ تعالى.

وقد نهى النبيُّ  صلى الله عليه  وسلم  عن التشبُّهِ باليهود والنصارى وغيرِهم من أُمَمِ الكفرِ في أحاديثَ كثيرةٍ، فمن ذلك: ما أخرجه أحمد وأبو داود بسندٍ جيد عن ابن عمرَ  رضي الله عنه  قال: قال رسول الله  صلى الله عليه  وسلم :

«من تشبَّه بقومٍ فهو منهم»([5]).
وأخرج النبيُّ  صلى الله عليه  وسلم  من تشبَّه بالكفارِ من دائرةِ المسلمين، فقال: «ليس مِنَّا من تشبَّه بغيرِنا، لا تشبَّهوا باليهودِ ولا بالنصارى»([6]).

وفي هذا غايةُ التحذيرِ، ومنتهى التنفيرِ من مشابهةِ الكافِرين، إذ إن من شابَهَهم فهو منهم، نعوذُ باللهِ من الخذلانِ.
وقد علَّل النبيُّ  صلى الله عليه  وسلم كثيراً من الشرائعِ والأحكامِ والآداب


بمخالفةِ اليهود والنصارى وغيرِهم من أُمَمِ الكفرِ، مما يدلُّ على أنَّ مخالفةَ الكافرين مقصدٌ نبويٌّ شرعيٌّ.
فمن ذلك: ما أخرجه أبو داود عن شدَّاد بن أوس  رضي الله عنه قال: قال رسول الله  صلى الله عليه  وسلم :

«خالفوا اليهودَ، فإنهم لا يصلُّون في نِعالِهم وخفافِهم»([7]).
وقال في حديث آخر: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالِفُوهم»([8]).

 وقال أيضاً: «خالفوا المشركين، أحفوا الشواربَ وأعفوا اللِحى»([9]).
ونظائرُ هذا في السنةِ كثيرةٌ، بل قد جعل النبيُّ  صلى الله عليه  وسلم

مخالفةَ الكفارِ سبباً لظهورِ الدِّين وعلوِّه، فقال  صلى الله عليه  وسلم  فيما أخرجه أبو داود عن أبي هريرة  رضي الله عنه : «لا يزال الدِّينُ ظاهراً ما عجَّل الناسُ الفطرَ؛ لأن اليهودَ والنصارى يؤخِّرون»([10]).

ومن تأمَّل كلامَ أهلِ العلم على اختلافِ مشاربِهم ومذاهبِهم علِمَ علماً ضروريًّا بأنهم متفقون على النَّهي عن موافقةِ الكفارِ ومشابهتِهم، وعلى الأمرِ بمخالفتِهم؛ وذلك لكثرة ما ورد في ذلك من النصوصِ، ولأن مخالفةَ الكفارِ وتركَ مشابهتِهم سببٌ لصلاحِ القلوبِ واستقامتِها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"وبالجملةِ فالكفرُ بمنزلةِ مرضِ القلبِ وأشدُّ، ومتى كان القلبُ مريضاً لم يصح شيءٌ من الأعضاءِ صحةً مطلقةً، وإنما الصلاحُ ألا تشبه مريض القلب في شيء من أموره "([11])

وبهذا يتبينُ أن مخالفتَهم في جميعِ الشؤونِ مقصودةٌ للشارعِ، فليس النهيُ عن مشابهتِهم مقصوراً على عباداتِهم، أو على عقائدِهم، بل هو عامُ في عاداتِهم وأخلاقِهم وسلوكِهم وآدابِهم ونُظُمِهم وجميعِ شؤونِهم.

ومع هذا الكمِّ الكبيرِ من النصوصِ الدالةِ على النهيِ عن مشابهةِ الكفارِ وتقليدِهم ومتابعتِهم، إلا أن النبيَّ  صلى الله عليه  وسلم قد أخبرَ أن مشابهةَ الكفارِ ومتابعتَهم ستقعُ في الأمةِ، فعن أبي سعيد الخدري  رضي الله عنه  قال

قال النبي  صلى الله عليه  وسلم  : «لتتبعنَّ سَننَ من كان قبلَكم شبراً بشبرٍ، وذراعاً بذراعٍ، حتى لو دخلوا جُحرَ ضبٍّ تبعتموهم. قلنا: يا رسولَ الله، اليهودُ والنصارى؟ قال: فمن؟ »([12]).

وها هي الأمةُ اليومَ تحاكي أممَ الكفرِ من الشرق والغرب في الزيِّ واللباسِ، وتتشبَّهُ بهم في آدابِ الأكلِ والشربِ وأساليبِ المعاشرةِ والمخالطةِ وطرائقِ الكلامِ والمعاملةِ وغير ذلك، وتتلقى

عنهم الأفكارَ والآراءَ والقيمَ والمفاهيمَ والنظمَ، حتى صاغ فئامٌ من الأمةِ حياتَهم وأفكارَهم على أساليبِ الحياةِ الغربيةِ الكافرةِ، وصدق فيهم قول الأول:

ضاعَتْ مَعَالمُ عِزَّةٍ وتحطَّمَت *** فينا الكَـرَامةُ واستُبيحَ الدَّارُ.
وَتبدَّلتْ أخـلاقُنا وطِباعُنا *** وتساوتْ الحسَناتُ والأوزارُ.

وقد سلَّمنا اللهُ في هذه الجزيرةِ من التشبُّهِ بالكفارِ فترةً طويلةً من الزمنِ، إلى أن انفتحت علينا الدنيا، واختلطنا بالكفارِ، وانبهر بعضُنا بما عند الغرب من مظاهرِ الحضارةِ والتقدُّمِ، فبدت معالمُ التشبُّهِ والتبعيةِ لأممِ الكفرِ تظهرُ في حياةِ الناس


وواقعِ المجتمع، فرأينا من رجالِنا ونسائِنا وصغارِنا وكبارِنا مَن جعل الغربَ وما فيه قدوةً له يتلقفُ عنهم أحدثَ الموضاتِ، وآخِرَ التقليعاتِ في اللباسِ والزِّيِّ والأكْلِ والشُّرْبِ وتصْفيفِ الشعرِ وتسريحِه، بل وفي الفكر

والرأيِ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ونحن ما زلنا في أوائلِ هذا الدهليزِ المظلمِ، الذي مآلُه غيابُ الدِّين وزوالُ معالمِه، ولا شك أن هذا الأمرَ خطيرٌ، يجب المسارعةُ في تلافيه وتوعيةِ الأمةِ بخطورته، والبحثِ عن أسبابه والتحذيرِ منها، فإنه (من تشبه بقوم فهو منهم)،

قال ابن القيم رحمه الله: "ومن تشبَّه بالإفرنجِ في لباسِهم وأخلاقِهم ونظُمِهم ومعاملاتِهم، فهو بلا شكَّ إفرنجيٌّ غيرُ مسلمٍ، وإن  صلى وصام وزعم أنه مسلم".
أيها المؤمنون.

إن هذه الأزمةَ التي تعاني منها الأمةُ لها أسبابٌ عديدةٌ، أذكُر بعضَها لنستعين بمعرفتِها على إزالتِها:
فمن أهمِّ أسبابِ فشوِّ التشبهِ والتقليدِ للكفار بين المسلمين هو عدمُ الجدِّيَّةِ في التمسكِ بالكتاب والسنةِ، اللذين هما مصدرُ العزِّ ومنبعُ الكرامةِ، فعزةُ أمتِنا مستمدةٌ من عزَّةِ ربِّها القويِّ العزيزِ،

فكلما تمسكت الأمةُ بعبوديتِها للهِ تعالى، وبهديِ نبيِّها  صلى الله عليه  وسلم  سمَتْ وعزَّت وارتفعت وعلتْ، قال الله تعالى: ﴿ وللهِ العزةُ ولرسولِهِ وللمؤمنين ﴾([13]).


ولا يرفعُ هذه العزةَ تأخُّرٌ حضاريٌّ، ولا تراجعٌّ علميٌّ، ولا انكسارٌ عسكريٌّ، بل نحن الأعزَّاءُ باللهِ إذا كُنَّا مؤمنين، قال الله تعالى: ﴿ ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ﴾([14]).

وممـا زادني شَـرفاً وتِيهـاً*** وكِدْتُ بأخمُصي أطأُ الثُّريَّا.
دخولي تحتَ قولِك: يا عبادِي *** وأن صيَّرَتَ أحمـدَ لي نبيًّا([15])
ومن أسبابِ شيوعِ التشبُّهِ في الأمةِ:

انفتاحُنا على الكفارِ وانفتاحُهم علينا، أما انفتاحُنا عليهم فذلك من خلالِ سفر كثيرٍ من المسلمين إلى بلاد الكفارِ للسياحةِ أو التجارة أو غير ذلك من الأسبابِ،

وغالبُ الذين يسافرون لا يكونُ معهم من العلمِ والإيمانِ ما يدفعون به الشبهاتِ أو الشهواتِ، فيقع كثيرٌ من هؤلاءِ في أنواعٍ من الفتنِ، ليس أقلَّها تقليدُهم والتشبُّهُ بهم.
ومن انفتاحِنا عليهم: إقبالُنا على ما يَصدرُ عنهم عبرَ وسائلِ الإعلامِ المقروءةِ والمسموعةِ والمرئيةِ، فالدشوش

وقنواتُ البثِّ المباشر وغيرُها تستقبلُ ما ترمي به وسائلُ إعلامِهم، من برامج الكفرِ والفسادِ والإباحيةِ والإلحادِ، وقراؤُنا يتلقفون ما يصدر من مجلاتِهم ومطبوعاتِهم، التي تروِّج عبادتَهم

وأفكارَهم وأخلاقَهم، ونساؤُنا مأسوراتٌ لما تصدرُه دورُ الأزياءِ الغربيةُ الكافرةُ من موديلاتٍ وتصميماتٍ.
وأما انفتاحُهم علينا: فهذا العددُ المريعُ من الكفارِ الذين يعيشون بين ظهرانينا، في بيوتِنا وأسواقِنا ومتاجرِنا ومكاتبِنا،

والذين لهم تأثيرٌ بالغٌ في بثِّ أخلاقِهم، وإشاعةِ عقائدِهِم، ونشرِ أفكارِهِم، وكلُّنا مسؤولٌ عن وجودِ هؤلاء بيننا، فالمستقدم مسؤولٌ، والمرخَّصُ له مسؤولٌ، والمتعامِل معهم مسؤولٌ «وكلُّكم راعٍ، وكلكم مسؤولٌ عن رعيتِه»([16]).

ومن أسبابِ هذه الأزمةِ المعضلةِ: أن أولياءَ الأمورِ في غَيْبةٍ عن تربيةِ أولادِهم وأهليهم ومن جعلهم اللهُ تحت أيديهم، وهم في ذهولٍ عن حفظِهم والقيامِ بحقوقِهم الدينيةِ، التي تنطلق

من قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾([17]).

فالواجبُ علينا أنْ نتفقَّدَ أولادَنا وأهلينا، وأن نلاحِظَ تصرفاتِهم، وأن نُبعدَ عنهم كلَّ وسائلِ الإفسادِ والتغريبِ.
رزقنا اللهُ وإياكم اجتنابَ أسبابِ الرَّدى، والأخذَ بما فيه الفوزُ بالآخرةِ والأولى.
*********

فيا أيها المؤمنون، إنَّ من ألوانِ التشبُّهِ التي وقعَ فيها بعضُ المسلمين: متابعةَ الكفارِ في أعيادِهم ومناسباتِهم الدينيةِ والدنيويةِ، كأعيادِ الميلادِ والأعيادِ الوطنيةِ، والاحتفالاتِ والمناسباتِ المتكررةِ، 

التي تأخذ يوماً في السَّنة، كعيدِ الأمِّ، أو عيدِ العمالِ، أو عيدِ ميلادِ المسيحِ، أو عيدِ رأسِ السنةِ، من المحدثاتِ والمبتدعاتِ، ولا شك أن تقليدَهم في أعيادِهم، وخصَّها بشيءٍ من الأفعالِ، يجمع سوأتين:

الأولى: أن هذا من التشبُّهِ الذي دلَّت نصوصُ الكتاب والسنةُ وإجماعُ العلماءِ على تحريمِه.
الثانية: أن في هذا إحداثاً وابتداعاً، فالأعيادُ شريعةٌ من الشرائعِ، يجبُ فيها الاتباعُ لا الابتداعُ، وقد شرعَ اللهُ لنا -أمةَ الإسلامِ- من الأعيادِ ما فيه غُنيةٌ وكفايةٌ عن أعيادِ أهلِ الكفر

فعن عمر  رضي الله عنه  قال:«لا تدخلوا على المشركين في كنائِسِهم يومَ عيدِهم، فإن السَّخْطةَ تنزلُ عليهم»([20]).
والآثارُ عن السَّلَفِ في النهيِ عن أعيادِهم كثيرةٌ، فالواجبُ علينا تجنُّبُها

والتحذيرُ منها، وعدمُ إعانتِهم على إظهارِها والاحتفالِ بها، كما يفعلُه بعضُ أصحابِ المؤسَّساتِ والشَّركاتِ، من إقامةِ بعض الحفلاتِ، أو إعطاءِ موظفِيهم وعمالهِم إجازاتِ وغير ذلك.

كما يجبُ أنْ نعلمَ أنه لا يجوزُ لنا تهنئتُهم بأعيادِهم، فإنَّ هذا من الذنوبِ الكبارِ، قال ابن القيم رحمه الله: "وأما التَّهْنئةُ بشعائرِ الكُفرِ المختصَّةِ به فحرامٌ باتفاقِ، مثل أن يهنِّئَهم بأعيادِهم وصومِهم

فيقول: عيدٌ مباركٌ عليك، أو تهْنَأُ بهذا العيدِ ونحوه، فهذا إن سَلِم قائلُه من الكفرِ، فهو من المحرَّماتِ، وهو بمنزلةِ أن يهنِّئَه بسجودِه للصَّليبِ، بل ذلك أعظمُ إثماً عندَ اللهِ، وأشدُّ مقْتاً من التَّهنئة

بشُربِ الخمرِ، وقتلِ النفسِ، وارتكابِ الفرْجِ المحرَّمِ ونحوه، وكثيرٌ ممن لا قدرَ للدِّين عنده يقعُ في ذلك، ولا يَدْري قبحَ ما فعلَ، فمنْ هنَّأَ عبْداً بمعصيةٍ أو بدْعةٍ أو كُفرٍ، فقدْ تعرَّضَ لمقتِ اللهِ وسخطِه "([21])


ومما ورد في النهيِ عن أعيادِهم وعن شهودِها قولُه تعالى في وصفِ عبادِه المؤمنين: ﴿والذين لا يشهدون الزُّورَ﴾([18])، وقد فسَّرَ كثيرٌ من أهلِ العلمِ الزُّورَ في الآيةِ بأنه أعياد

المشركين والكُفارِ، وقد نهى النبيُّ  صلى الله عليه  وسلم  عن الاحتفالِ بأعيادِ الكَفَّارِ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه  قال: قدِمَ رسولُ الله  صلى الله عليه  وسلم  المدينةَ، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: «ما هذانِ اليومانِ؟ »

قالوا: كُنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ. فقالَ:«إنَّ اللهَ أبدلَكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطرِ»([19]).
وقد نهى الصحابةُ رضي الله عنهم عن حضورِ أعيادِ الكفارِ، وأمروا باجتنابِها،

لاتكونوا امعة تتبعون كل ناعق

الـــــــنـــــــــاس
والــــــــلــــــــبــــــــاس
احـــــذر الــــتـــقـــلـــيـــد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ذو الجلال ومُحب الجمال ،

والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على

أفضل من تطيب ولبس وصلى وصام ،

وعلى آله وصحبه الكرام . . . وبعد

أمر الله سبحانه عباده باللباس في قوله تعالى : { يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآ تكم } الأعراف . كان المشركون في الجاهلية يطوفون بالبيت عُراة

الرجال بالنهار والنساء بالليل فأنزل الله هذه الآية آمراً عباده باللباس لما في ذلك من حفظٍ لأعراضهم ، وستراً لعوراتهم .
واللباس نعمة من نعم الله التي لاتُعد ولاتُحصى قال تعالى : { وإن تعُدوا نعمة الله لاتُحصوها إن الإنسان لظلومٌ كفار } [ ابراهيم ]

ولكن وللأسف أن كثيراً من الناس في هذا الزمان أساء استخدام اللباس ، فنجد أن كثيراً من الرجال ـ هداهم الله ـ يُرخون لباسهم إلى ما أسفل من الكعبين وكأنهم تناسوا أن ذلك مما حرمه الله ورسوله عليه الصلاة والسلام

فتجد أن من الناس من يأتي إلى بيوت الله عز وجل بأردى الثياب وأوسخها على الإطلاق ، ومنهم من يأتي بثياب النوم ، ومنهم من يأتي بثياب شفافة قد لاتستر العورة ومعلوم أن ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة ، فأين هؤلاء

عن قول الله عزوجل :{ يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد } [ الأعراف ] ، فهذا أمر من الله سبحانه لعباده المؤمنين بأخذ الزينة عند الذهاب إلى المساجد وذلك لأداء الصلوات أو استماع الخطب والمحاضرات أو غير ذلك من الأعمال الصالحة ، وذلك لأن المساجد هي بيوت الله عزوجل ،

فأنت عندما تأتي للمسجد تاتي لمقابلة ملك الملوك تاتي للوقوف بين يدي من بيده ملكوت كل شيئ ، إذاً من الواجب عليك أن تأخذ كامل الزينة من الثياب والطيب ، وان تكون متهيئاً لمقابلة العزيز الجبار سبحانه

قال صلى الله عليه وسلم : { إن الله جميل يحب الجمال } [ مسلم ] .

ولكن كثيراً من الناس في واقعنا هذا ضيعوا الإهتمام باللباس مع أن عندهم ـ ولله الحمد والمنة ـ الكثير والجميل من الثياب ، ولكنهم ماأشعروا قلوبهم بأهمية هذا اللقاء مع الخالق سبحانه

وما شعُرت نفوسهم بحقيقة هذا اللقاء وأنه سيناجي ربه في صلاته ، فلو امتلأ قلبه بأهمية هذا الموقف للبس أحسن اللباس وأغلاه وأجمله وأنظفه على الإطلاق ، ولكن ما حصل هو العكس .

فكيف إذا أراد أحدهم أن يقابل مسؤولاً ما ؟ كيف سيكون لباسه ؟ وكيف سيكون عطره ؟
وكيف سيكون الإهتمام والإنصات والإستماع إلى ذلك المسؤول ؟ بالتأكيد سيتهيأ لهذه المقابلة من وقت بعيد ويشتري أفضل الملابس وأفضل العطور ، وقد يقوم باستعارة بعض الملابس

ولوازم المقابلة فالعقال من فلان والمشلح من آخر والحذاء من شخص ثالث والشماغ من رابع وكل ذلك اهتماماً بمقابلة ذلك المخلوق ، فكيف بالخالق سبحانه وتعالى ـ فلله المثل الأعلى ـ لمن يكون التجمل والتهيؤ للخالق أم للمخلوق

للعبد أم للمعبود سبحانه قال تعالى :{ إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً } [ مريم ] .
إذاً اللباس الخاص بالخالق ينبغي أن يكون أفضل من لباس المخلوق ، والتهيؤ للخالق أفضل وأعظم وأهم من التهيؤ للمخلوق قال تعالى :{ قل الله خالق كل شيئ وهو الواحد القهار } [ الرعد ] ،

ومما يجب الإنتباه إليه أن يكون اللباس موافقاً لما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم ويُجتنب ما نهى الله ورسوله عنه ، قال صلى الله عليه وسلم : " كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسرافٍ ولامَخِيلة " [ فتح الباري 11/423 ] ،

والمخيلة هي الكبر ، والمخيلة تضر بالنفس حيث تُكسبها العُجب ، وتضُر بالآخرة حيث تُكسب الإثم وتضُر بالدنيا حيث تُكسب المقت والكراهية من الناس ، فالخيلاء هو التكبر ينشأ عن فضيلة يراها الإنسان في نفسه فيترفع بها عن الناس ويتكبر

ويتعاظم عليهم وما علم ذلك المسكين أن من تعاظم على الله وضعه الله ، قال صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " [ مسلم ]

وقال عليه الصلاة والسلام : " أ زر ة المسلم إلى نصف الساق ، ولا حرج أو قال لا جُناح عليه فيما بينه وبين الكعبين وما كان أسفل من الكعبين فهو في النار ، ومن جر ثوبه خُيلاء لم ينظُر الله إليه يوم القيامة " [ صحيح رواه ابوداود والنسائي وغيرهما ]

وقال صلى الله عليه وسلم : " وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل " [ قال في بهجة الناظرين الحديث ضعيف وورد بعض معناه في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود ، عن بن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من أسبل إزاره في صلاته خُيلاء ، فليس من الله في حل ولا حرم " .

فاحذر أيها المسلم ، وانتبه أيها المصلي يا من تُسبل إزارك فأنت على خطر عظيم وصلاتك وأنت مسبل محل نظر من حيث صحتها ، فالله الله باللباس الشرعي ، أخي الحبيب اتّبع ما أُمرت به واترك الابتداع واحذر

من مخالفة أوامر الله ، فالسنة في لباس الرجال أن تكون ما بين نصف الساق إلى ما فوق الكعبين فما زاد فوق نصف الساق فهذا من التنطع ، وما نزل عن الكعبين فصاحبه معرض لعقوبة الله ومقته وغضبه وسخطه ،

ومن قال أنه لم يجر ثوبه خُيلاء فالحقيقة أنه ذلك غير صحيح ، ولو سئل لماذا أرخيت ثوبك أسفل من الكعبين ؟ لقال أنها عادة ، أخي الكريم العادة إذا خالفت الشرع والدين فليُضرب بها عرض الحائط فإنه لا حاجة لنا بها فالدين ولله الحمد والمنة كامل لا يحتاج إلى من يكمله

قال تعالى :{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} [ المائدة ] ، وإذا سئل من أمرك بأن تجر ثوبك ؟ لسكت ، لماذ لأنه اتباع للهوى والشهوات والشيطان وكل أساس ذلك هو الكبر والخيلاء ـ عياذاً بالله ـ وانزال الثوب أسفل من الكعبين محرم وفيه

تعريض الثوب للأوساخ والنجاسات والتي يجلبها معه لبيوت الله ، قال تعالى : { فليحذر الذين يُخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم } [ النور ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " بينا رجل يجر إزاره خسف الله به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة " [ البخاري ]

فاحذر أخي المسلم أن يكتب الله عليك الشقاء واحذر من سوء الخاتمة ولتعتبر بهذه الأحاديث الصحيحة عن نبيك صلى الله عليه وسلم فلنا فيه القدوة والأسوة الحسنة ، ولتعرف أخي الكريم أنك ما وجدت على هذه الأرض إلا لعبادة الله وحده واتباع أوامره سبحانه وأوامر رسوله عليه الصلاة والسلام

وكن مع الله وفي حزبه فإن حزب الله هم الغالبون ، واحذر أن تكون مع الشيطان أوفي حزبه فإن حزب الشيطان هم الخاسرون فإن الشيطان سيتخلى عنك ، فالشيطان مطرود من رحمة الله وقد

كتب الله له النار يوم القيامة ولكن الشيطان طلب مهلة من الله إلى يوم القيامة ، أتدري لماذا طاب هذه المهلة ؟ طلبها ليقوم بغواية الناس وابعادهم عن دين الله عزوجل ثم بعد غواية للناس يتخلى عنهم

قال تعالى :{ وقال الشيطان لما قُضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعد تكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولومو أنفسكم ماأنا بمصرخكم وماأنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمونِ من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم } [ ابراهيم ] ،

أسأل الله العلي العظيم أن يوفق المسلمين والمسلمات لما فيه خير هذه الأمة وصلاحها ، والإلتزام بتعاليم هذا الدين الحنيف ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .

والله أعلى وأعلم وأجل وأكمل ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، والحمد لله رب العالمين .

☆..لاتكونوا..☆

[☆..امعة تتبعون كل ناعق..☆]

صاحب الموضوع :يفداك